تدريب نوعي في التواصل بشأن المخاطر: تمكين الكوادر الفلسطينية في مواجهة الطوارئ الصحية

في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة النظام الصحي الفلسطيني على الصمود، نظمت الأكاديمية الدولية للصحة المجتمعية (أياف)، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومؤسسة جذور للصحة والتنمية الاجتماعية، سلسلة من الورش الخاصة بتدريب المدربين (ToT) في مجال التواصل بشأن المخاطر والتواصل المجتمعي (RCCE)، وذلك في مدن رام الله ونابلس والخليل.
وخلال شهر أيار/مايو، تلقى أكثر من 60من المهنيين الصحيين الفلسطينيين – من القطاعات العامة والخاصة والأكاديمية والمجتمعية – تدريبا مكثفا مكنهم من اكتساب المهارات الأساسية اللازمة للاستجابة الفعالة في حالات الطوارئ. وتعكس هذه المبادرة التزام الشركاء بدعم القدرات المحلية في المناطق التي تواجه مخاطر صحية متفاقمة، خاصة في ظل التحديات الإنسانية المتزايدة.
وتنطلق هذه الورش من قناعة راسخة بأن التواصل الفعال قد ينقذ الأرواح. فالتواصل بشأن المخاطر والتواصل المجتمعي لا يقتصر على نقل المعلومات، بل يرتكز على بناء الثقة، وتوجيه المجتمعات خلال الأزمات، وتعزيز السلوكيات التي تحمي الصحة وسلامة الأفراد. وفي هذا السياق، قالت الدكتورة ديما البكري، المدربة الرئيسية: "من خلال تزويد المهنيين الفلسطينيين بأدوات ومهارات عملية، نحن لا نعزز قدراتهم التقنية فحسب، بل نمكنهم من قيادة مجتمعاتهم خلال الأزمات التي تهدد الحياة".
ومن جهته، أضاف الدكتور يوسف خضر، المدرب الرئيسي قائلا: "التواصل بشأن المخاطر لا يتمحور فقط حول مشاركة الحقائق، بل حول جعل المعلومات ذات مغزى وقابلة للتطبيق. ففي حالات الطوارئ، يحتاج الناس إلى الوضوح لا الارتباك، فالتواصل الفعال يساعد المجتمعات على فهم الوضع، والثقة بالاستجابة، واتخاذ إجراءات مدروسة".
استمرت هذه الورش لثلاثة أيام، تم التنويع خلالها بين الجلسات التفاعلية، والسيناريوهات الواقعية المستندة إلى السياق الفلسطيني، والتدريبات العملية لمحاكاة حالات الطوارئ. وقد غطت مواضيع متنوعة من بينها إدارة الاستجابات النفسية للأزمات، وإعداد خطط للتواصل أثناء الأزمات، ومكافحة المعلومات المضللة، واستخدام وسائل الإعلام والأدوات الرقمية لتوجيه الاستجابة العامة. كما أولت الورش اهتماما خاصا بتطبيق نهج شامل في التواصل المجتمعي، لضمان تلبية استراتيجيات الاتصال لاحتياجات الفئات الأكثر ضعفا.
وقالت الآنسة كليزار فؤاد الحمامرة، إحدى المشاركات: "المعرفة الحقيقية تنمو من خلال المشاركة، وقد أوجدت هذه الورشة مساحة ثمينة للتواصل وتبادل الخبرات وتعزيز التعاون الفعال وسط ظروف صعبة".
من جانبه، شدد الدكتور محمد نور، ميسر الورشة والمتخصص في التواصل بشأن المخاطر والتواصل المجتمعي (RCCE)، على أن: "هذه ليست مفاهيم نظرية فقط – بل مهارات تنقذ الحياة. فعندما يتمكن المهنيون الصحيون من التواصل بوضوح وتحفيز مجتمعاتهم، يمكنهم منع الذعر، وتشجيع السلوكيات الوقائية، وفي النهاية إنقاذ الأرواح خلال الأزمات".
وقد تم اعتماد هذه الورش من قبل وكالة اعتماد التعليم في الصحة العامة (APHEA)، مما يمنح المشاركين مؤهلا مهنيا ذا قيمة. لكن ما يتجاوز الشهادات هو الأثر الحقيقي لهذه المبادرة: تعزيز قدرات الكوادر الفلسطينية على الاستعداد لحالات طوارئ الصحة العامة والاستجابة لها والتعافي منها.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الأكاديمية الدولية للصحة المجتمعية توسيع نطاق دعمها الإقليمي، تبقى هذه الورش شاهدا حيا على أهمية التواصل بشأن المخاطر والتواصل المجتمعي كركيزة أساسية لأي استجابة فعالة لحالات الطوارئ الصحية، وعلى قوة التعاون الدولي في بناء أنظمة صحية أكثر صمودا واستدامة.كما تشكل هذه الورشات أيضا المرحلة الأولى من مبادرة أوسع ستتبعها تدريبات متسلسلة تهدف إلى الوصول إلى نحو 600 من العاملين في القطاع الصحي وبناء قدراتهم.